Tuesday, March 30, 2010

















اعداد: ربى عنبتاوي

عازف العود والمطرب واصف جوهرية

1897-1973


صوته العذب، والأجواء العائلية المحبة للموسيقى كانت بداية تعلّق عازف العود الفلسطيني والمؤرخ واصف جوهرية بالعزف والغناء. فنشأة جوهرية في بيت العائلة الكائن في حارة السعدية قلب القدس في كنف أسرة منفتحة على الموسيقى والفنانين اتسمت بروابطها المميزة مع شخصيات مقدسية، كما شكّل مقهى شقيقه نقطة الجذب للباحثين عن الطرب في المدينة وخارجها أمثال أحمد طريفي وزكي أفندي مراد وبديعة مصابني. ظروف عدّة مهدت الطريق أمام جوهرية المحب للموسيقى ليغدو علماً بارزاً في الموسيقى والغناء و التلحين.

كان والد جوهرية "جريس" حريصاً على استضافة مغنيين وموسيقيين بارزين وكان احد هؤلاء عازف العود المصري قفطنجي الذي أمضى أسبوعا مع آل جوهرية ومنه تعلم واصف عددا من الألحان. عدا عن كون جريس من المقدسيين القلة الذين اقتنوا فونوغراف"ماسترز فويس"، وتوفرت لديهم تسجيلات مبكرة لمغنيين مصريين بارزين أمثال يوسف المنيلاوي وسلامة حجازي، حيث كان الوالد يشجع أبناءه على الغناء المرافق لهذه التسجيلات.

وقد كان شغف ابنه واصف بصنع آلة شبيهة بالعود، ومن ثم استدانته مبلغاً لشراء واحدة، قد دفع الأب إلى الاستعانة بأحد أبرز معلمي العود "عبد الحميد قطينة" لتلقينه. لكن واصف لم ينضج موسيقياُ إلا حين التقى المعلم الكبير عمر البطش من سوريا، والذي كان أحد ضباط الجيش العثماني المتواجدين في القدس، حيث علّمه طريقة غناء وتقديم وتلحين الموشحات وقراءة العلامات الموسيقية ووسّع ذخيرته في الموسيقى الكلاسيكية. كما تأثر جوهرية بكبار أعلام الساحة الغنائية في مصر ومنهم المنيلاوي وداود حسني وسيد درويش.

عذوبة صوت واصف جعلته مطلوباً لأداء أغاني الأعراس، لكن حبه الأبدي كان للعود، الذي بحلول عام 1918، كان قد أتقنه إلى حد جعله من أهم عازفي العود المنشودين في فلسطين.

وقد دون واصف مفكرة موسيقية تعكس اهتماماته بالموسيقى العربية من الموشحات الأندلسية والحلبية الكلاسيكية إلى موسيقى الكورس التي كان يؤديها في الأعراس إلى أغاني الحب والألحان الشعرية الكلاسيكية والطقاطيق وأغاني العشق، ولأن واصف لم يكن محترفاً للموسيقى في بداية حياته الموسيقية فقد اخترع أسلوبه الخاص، وكتب فصلاً عن تكيف العود وفق نظام النوتة الموسيقية الغربية.

توفي جوهرية في بيروت عام 1973 مخلفاً وراءه مذكرات غنية بالأحداث التي توثق القدس خلال الفترة التي عاشها إضافةً إلى تسجيلات موسيقية نادرة تعتبر وثائقاً تاريخية فنية في عالم الغناء العربي المستمد من الموروث الفلسطيني المشهور في الربع الأول من القرن الماضي.





أمين ناصر

بدأت حكاية الفنان الفلسطيني أمين ناصر مع عالم الموسيقى حين كان يستمع لمختارات من موسيقى باخ وهاندل من مجموعة والده الخاصة، إضافة إلى التصاقه بالراديو وتلهفه لسماع كل جديد. كان جو المنزل المحبّ للموسيقى والأدب قد مهدّ الطريق لناصر ليصبح من أهم وأوائل الملحنين الفلسطينيين الذين تركوا بصمة في التأليف الموسيقي للبيانو والأداء الصوتي الذي تأثر بشكل أو بآخر بخصوصية الواقع الفلسطيني وما امتزج به من أحداث درامية تركت أثرها على النفوس.

أمين ناصر الذي ولد عام 1935 في الرملة، عاش طفولته وصباه وأنهى تعليمه الثانوي في بلدة عائلته بيرزيت، وقد بدأت تبزغ موهبته الموسيقية حين أخذ يؤلف ويخلق انسجاماً بين الأغاني والألحان ويتعلم بعضاً من الموسيقار سلفادور عرنيطا، قبل أن يبدأ تعليمه الرسمي في الموسيقى الذي صقله بالسفر إلى النمسا عام 1955 ، واستزاد منه بإكمال تعليمه في ألمانيا، الفترة التي استمر خلالها يلحن الموسيقى الوطنية لجوقة كلية بيرزيت، و التي عاد للتدريس فيها عام 1961 ملحناّ قطعته الموسيقية الأولى على البيانو "فنتازيا"

حبه وتفانيه للموسيقى جعله عنواناّ للموسيقى في فلسطينً، وهذا ما حدا بوزير الثقافة الأردني دعوته مع ثلاثة آخرين إلى تأسيس المعهد الوطني للموسيقى في الأردن، الذي أصبح فيما بعد مديره العام. ولكن وفاة والديه جعلته يحنّ العودة إلى مسقط رأسه بيرزيت، وينهل بعلمه على تلاميذه في جامعة بيرزيت حتى تقاعد عام 2001.

آمن ناصر مع غيره من الموسيقيين الفلسطينيين بأهمية وجود أرضية موسيقية للمواهب الشابة، فكان من أحد مؤسسي المعهد الوطني للموسيقى عام 1993 الذي ترأس إدارته تطوعاّ حتى عام 1995.

توثيقاً لأعماله الموسيقية أصدر ناصر مجلده الأول عام 1999 الذي شمل أعماله الكاملة في الغنائيات وأدواره الموسيقية المصاحبة في العزف على البيانو، وبعد ثلاث سنوات اصدر مجلده الثاني عن موسيقى البيانو، وهو بصدد إصدار مجلده الثالث الذي سيشتمل خمس سوناتات على البيانو.

"مؤلفاتي الموسيقية تأثرت بتطلعاتي الوطنية بتحقيق حلم الدولة الفلسطينية المستقلة و الوحدة العربية، والتوق إلى رؤية تلك البلدان تحيا واقعاً أفضل. كما أن المستمع لمؤلفاتي يلمس فيها التراث الفلسطيني والعربي الذي أغنى موسيقاي" من مقولات ناصر

ابتكر ناصر دمجاً فريدا بين الألحان، فبدت ألحانه الوطنية بغاية الجمال الذي يأسر القلب من الأعماق، كما أن استشهاد ابن عمه الشاعر كمال ناصر ألهمه تلحين عدد من قصائد الشهيد مثل "رسالة إلى أمي" وقصيدته التمردية الأخرى "نحن هنا".

منذ عام 2003 يقيم ناصر في الولايات المتحدة، وهو متزوج من السيدة سميرة قفعيتي، وله ابن توفيق وابنة لارا، وله من الأحفاد أربعة.

0 comments:

Post a Comment